الإنسان وصناعة الغباء عبر العصور والأزمان2-5


 

الإنسان وصناعة الغباء عبر العصور والأزمان2-5

بينما يليق بكل من آمن بالله ان يعترف ويقر بان الله “يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد” وان كل الأوامر والأحكام الإلهية هي في الحقيقة لأجل مصلحتنا ولأجل صوننا وحفضنا، ولو اراد الله أن يغير بعض أحكامه حسب مقتضيات الزمن، فهو لأجل منفعتنا نحن، فهو لا حاجة له بنا ولا تربحه عبادتنا أو يضره إعراضنا وهو غني عن العالمين:

مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 106 – (البقرة)

والأن نأتي إلى ما قد يكون واحداً من أهم أسباب الإعراض والإنكار لمشارق والوحي والإلهام وإذلالهم وهو مقاومة ومعاندة ذوي السلطة الدينية من رجال عصرهم من كهنة ورهبان وقساوسة وفقهاء وغيرهم من رجال الدين.

وسواء كان ذلك لحب السلطة والرئاسة ولحفظها والتمسك بها، أم عن جهل وعدم إدراك، أم لفهم وتفسير خاطىء لآيات الله من المتشابهات، كان هؤلاء على الدوام من أهم دوافع اعراض العباد. وكان مركزهم العالي في المجتمع وقوة سلطتهم من جهة، وجهل أكثر الناس وانقيادهم لهم كالأغنام من جهة أخرى، سبب وقوعهم في حفرة النار وتياههم في بادية الخطأ:

وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا 67 ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا 68 – (الأحزاب)

وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ 116 – (الأنعام)

وكم من علماء اليهود والقساوسة ومبشري الإنجيل تطاولوا على الرسول في خطبهم وكتبهم وكذلك على الإسلام وحرفوا تعاليمه وجادلوا في حقيقته وكذبوا في كتبهم وقصصهم عن رسوله. فكم من الأحرى بنا هذا اليوم ان نحذر وقوعنا في نفس المصيدة وان لا نتبعهم في خطاهم المظلة، وهذا الذي حذر منه رسول الله(ص) في قوله:

‏ ‏حدثنا ‏ ‏سعيد بن أبي مريم ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو غسان ‏ ‏قال حدثني ‏ ‏زيد بن أسلم ‏ ‏عن ‏ ‏عطاء بن يسار ‏ ‏عن ‏ ‏أبي سعيد ‏ ‏رضي الله عنه ‏
‏أن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع‏ حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه قلنا يا رسول الله ‏ ‏اليهود ‏ ‏والنصارى ‏ ‏قال فمن – (البخاري -3197 وايضا في صحيح مسلم(

وهذا التقليد يشمل تقليد الاباء والأجداد أو إتباع ديناً ما, مجرد بسبب وراثته عنهم.  

ويليق بالمؤمن والمؤمنة الحقيقيين من اتباع اي ديانة ان يستطيعوا الإجابة في انفسهم لهذه الأسئلة:هل كنت سأصبح في كل الأحوال من اتباع هذا الدين لو لم أولد لهذين الابوين أو ولدت في بلد آخر في جهة أخرى من العالم أو قارة أخرى، أو كان تعليمي مختلف طيلة حياتي؟ وماذا كان سيحصل لي لو ولدت في زمان آخر أو مكان آخر ولم تتح لي الفرصة على الإطلاق حتى ان اسمع بهذا الدين؟ هل رضاء الله وإحسانه يعتمد على جهدي وسعيي انا في معرفته ومعرفة ارادته، أم على مكان وزمان وظروف ولادتي؟  

فكيف تتم صناعة الغباء هذه الموروثة؟

كان هناك مجموعة من العلماء و ضعوا 5 قرود في قفص واحد و في وسط القفص وضعوا سلم و في أعلى السلم هناك كان بعض الموز، في كل مرة يطلع أحد القرود لأخذ الموز يرش العلماء باقي القرود بالماء البارد ،  بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يطلع لأخذ الموز, يقوم الباقين بمنعه  و ضربه حتى لا يُرَشْ بالماء البارد ،  بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز على الرغم من كل الإغراءات خوفاً من الضرب.  بعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة ويضعوا مكانه قرد جديد  فأول شيء يقوم به القرد الجديد أنه يصعد السلم ليأخذ الموز ولكن فورا الأربعة الباقين يضربونه و يجبرونه على النزول،  بعد عدة مرات من الضرب يفهم القرد الجديد بأن عليه أن لا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب!.   قام العلماء أيضا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد  و حل به ما حل بالقرد البديل الأول حتى أن القرد البديل الأول شارك زملائه بالضرب و هو لايدري لماذا يضرب ،  و هكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة  حتى صار في القفص خمسة قرود لم يرش عليهم ماء بارد أبدا ، و مع ذلك يضربون أي قرد تسول له نفسه صعود السلم بدون أن يعرفوا ما السبب .   لو فرضنا  و سألنا القرود لماذا يضربون القرد الذي يصعد السلم؟ أكيد سيكون الجواب : لا ندري،  ولكن وجدنا آباءنا وأجدادنا  هكذا ،عملياً هذا ما نطبقه نحن في أعمالنا وحياتنا اليومية نبقى في الروتين خوفاً من التغيير أسرى لغباء متراكم يزداد إضطراداً مع مرور الأيام ومفتخرين بهذاالغباءالذي خدعنا بتستره تحت عباءة إسمها  العادات والتقاليد والموروثات البالية  

Post a comment or leave a trackback: Trackback URL.

Leave a comment